خطبة المؤلف و فيها بيان الداعي إلى تأليف الكتاب
أما بعد حمد الله الذي وعد فوفى و أوعد فعفا و الصلاة و السلام
على سيدنا محمد سيد الشرفاء و مسود الخلفاء و على آله و صحبه أهل الكرم و الوفاء فهذا
تاريخ لطيف ترجمت فيه الخلفاء أمراء المؤمنين القائمين بأمر الأمة من عهد أبي بكر الصديق
رضي الله عنه إلى عهدنا هذا على ترتيب زمانهم الأول فالأول و ذكرت في ترجمة كل منهم
ما وقع في أيامه من الحوادث المستغربة و من كان في أيامه من أئمة الدين و أعلام الأمة
و الداعي إلى تأليف هذا الكتاب أمور :
منها أن الإحاطة بتراجم أعيان الأمة مطلوبة و لذوي المعارف محبوبة
و قد جمع جماعة تواريخ ذكروا فيها الأعيان مختلطين و لم يستوفوا و استيفاء ذلك يوجب
الطول و الملال فأردت أن أفرد كل طائفة في كتاب أقرب إلى الفائدة لمن يريد تلك الطائفة
خاصة و أسهل في التحصيل فأفردت كتابا في الأنبياء صلوات الله عليهم و سلامه و كتابا
في الصحابة ملخصا من الإصابة لشيخ الإسلام أبي الفضل بن حجر و كتابا حافلا في طبقات
المفسرين و كتابا وجيزا في طبقات الحفاظ لخصته من طبقات الذهبي و كتابا جليلا في طبقات
النحاة و اللغويين لم يؤلف قبله مثله و كتابا في طبقات الأصوليين و كتابا جليلا في
طبقات الأولياء و كتابا في طبقات الفرضيين و كتابا في طبقات البيانيين و كتابا في طبقات
الكتاب ـ أعني أرباب الإنشاء ـ و كتابا في طبقات أهل الخط المنسوب و كتابا في شعراء
العرب الذين يحتج بكلامهم في العربية و هذه تجمع غالب أعيان الأمة و اكتفيت في طبقات
الفقهاء بما ألفه الناس في ذلك لكثرته و الإستغناء به و كذلك اكتفيت في القراء بطبقات
الذهبي و أما القضاة فهم داخلون فيمن تقدم و لم يبق من الأعيان غير الخلفاء مع تشوق
النفوس إلى أخبارهم فأفردت لهم هذا الكتاب و لم أورد أحدا مما ادعى الخلافة خروجا و
لو لم يتم له الأمر ككثير من العلويين و قليل من العباسيين
اعتذار المؤلف عن كونه لم يذكر الفاطميين بين الخلفاء
منها : أنهم غير قريشيين و إنما سمتهم بالفاطميين جهلة العوام
و إلا فجدهم مجوسي قال القاضي عبد الجبار البصري : اسم جد الخلفاء المصريين سعيد و
كان أبوه يهوديا حدادا نشابة و قال القاضي أبو بكر الباقلاني : القداح جد عبيد الله
الذي يسمي علماء النسب و سماهم جهلة الناس الفاطميين قال ابن خلكان : أكثر أهل العلم
لا يصححون نسب المهدي عبيد الله جد خلفاء مصر حتى إن العزيز بالله ابن المعز في أول
ولايته صعد المنبر يوم الجمعة فوجد هناك ورقة فيها هذه الأبيات :
( إنما سمعنا نسبا منكرا ... يتلى
على المنبر في الجامع )
( إن كنت فيما تدعي صادقا ... فاذكر
أبا بعد الأب السابع )
( إن ترد تحقيق ما قلته ... فانسب
لنا نفسك كالطائع )
( أو لا دع الأنساب مستورة ... و ادخل
بنا في نفسك الواسع )
( فإن أنساب بني هاشم ... يقصر عنها
طمع الطامع )
و كتب العزيز إلى الأموي صاحب الأندلس كتابا سبه فيه و هجاه
فكتب إليه الأموي [ أما بعد فإنك عرفتنا فهجوتنا و لو عرفناك لأجبناك ] فاشتد ذلك على
العزيز فأفحمه عن الجواب ـ يعني أنه دعي لا تعرف قبيلته ـ قال الذهبي : المحققون متفقون
على أن عبيد الله المهدي ليس بعلوي و ما أحسن ما قال حفيده المعز صاحب القاهرة ـ و
قد سأله ابن طباطبا العلوي عن نسبهم ـ فجذب سيفه من الغمد و قال : هذا نسبي و نثر على
الأمراء و الحاضرين الذهب و قال : هذا حسبي
و منها : أن أكثرهم زنادقة خارجون عن الإسلام و منهم من أظهر
سب الأنبياء و منهم من أباح الخمر و منهم من أمر بالسجود له و الخير منهم رافضي خبيث
لئيم يأمر بسب الصحابة رضي الله عنهم و مثل هؤلاء لا تنعقد لهم بيعة و لا تصح لهم إمامة
قال القاضي أبو بكر الباقلاني : كان المهدي عبيد الله باطنيا
خبيثا حريصا على إزالة ملة الإسلام أعدم العلماء و الفقهاء ليتمكن من إغواء الخلق و
جاء أولاده على أسلوبه : أبا حوا الخمر و الفروج و أشاعوا الرفض
و قال الذهبي : كان القائم بن المهدي شرا من أبيه زنديقا ملعونا
أظهر سب الأنبياء و قال : و كان العبيديون على ملة الإسلام شرا من التتر
و قال أبو الحسن القابسي : إن الذين قتلهم عبيد الله و بنوه
من العلماء و العباد أربعة آلاف رجل ليردوهم عن الترضي عن الصحابة فاختاروا الموت فيا
حبذا لو كان رافضيا فقط و لكنه زنديق
و قال القاضي عياض : سئل أبو محمد القيرواني الكيزاني من علماء
المالكية عمن أكرهه بنو عبيد ـ يعني خلفاء مصر ـ على الدخول في دعوتهم أو يقيل ؟ قال
: يختار القتل و لا يعذر أحد في هذا الأمر كان أول دخولهم قبل أن يعرف أمرهم و أما
بعد فقد وجب الفرار فلا يعذر أحد بالخوف بعد إقامته لأن المقام في موضع يطلب من أهله
تعطيل الشرائع لا يجوز و إنما أقام من أقام من الفقهاء على المبانية لهم لئلا تخلو
للمسلمين حدودهم فيفتنوهم عن دينهم
و قال يوسف الرعيني : أجمع العلماء بالقيروان على أن حال بني
عبيد حال المرتدين و الزنادقة لما أظهروا من خلاف الشريعة
و قال ابن خلكان : و قد كانوا يدعون علم المغيبات و أخبارهم
في ذلك مشهورة حتى إن العزيز صعد يوما المنبر فرأى ورقة فيها مكتوب :
( بالظلم و الجور قد رضينا ... و ليس
بالكفر و الحماقة )
( إن كنت أعطيت علم غيب ... بين لنا
كاتب البطاقة )
و كتبت إليه امرأة قصة فيها : بالذي أعز اليهود بميشا و النصارى
بابن نسطور و أذل المسلمين بك إلا نظرت في أمري و كان ميشا اليهودي عاملا بالشام و
ابن نسطور النصراني بمصر
و منها : أن مبايعتهم صدرت و الإمام العباسي قائم موجود سابق
البيعة فلا تصح إذ لا تصح البيعة لإمامين في وقت واحد و الصحيح المتقدم
و منها : أن الحديث ورد بأن هذا الأمر إذا وصل إلى بني العباس
لا يخرج عنهم حتى يسلموه إلى عيسى ابن مريم أو المهدي فعلم أن من تسمى بالخلافة مع
قيامهم خارج باغ
فلهذه الأمور لم أذكر أحدا من العبيديين و لا غيرهم من الخوارج
و إنما ذكرت الخليفة المتفق على صحة إمامته و عقد بيعته و قد قدمت في أول الكتاب فصولا
فيها فوائد مهمة و ما أوردته من الوقائع الغريبة و الحوادث العجيبة فهو ملخص من تاريخ
الحافظ الذهبي و العهدة في أمره عليه و الله المستعان
بيان أن النبي صلى الله عليه و سلم لم يستخلف أحدا
يلي الأمر بعده
السبت مارس 21, 2015 3:56 pm من طرف عاشق الوان الحزن
» معلمات غد تفيدك
السبت مارس 14, 2015 5:42 pm من طرف عاشق الوان الحزن
» تعزية ل ابناءالحاج محمد
الأربعاء مارس 11, 2015 8:00 am من طرف اسدالغندورة
» ترجمة صحفية من جوجان جروب
الإثنين فبراير 23, 2015 11:31 am من طرف عاشق الوان الحزن
» تكييف شارب ، sharp
الإثنين فبراير 23, 2015 11:12 am من طرف عاشق الوان الحزن
» الموزع الاول لتكييف شارب
الأحد فبراير 22, 2015 2:25 pm من طرف عاشق الوان الحزن
» مطعم ورق التوت للمشويات ا
السبت فبراير 14, 2015 6:01 pm من طرف عاشق الوان الحزن
» دراسات البيئة من جوجان
السبت فبراير 14, 2015 5:58 pm من طرف عاشق الوان الحزن
» استشارات ودراسات سوقية
الأحد يونيو 29, 2014 5:00 am من طرف عاشق الوان الحزن